القادم من الأيام سيكون صعباً على الجميع

القادم من الأيام سيكون صعباً على الجميع

همسة صباحية بقلم  مصطفى أحمد عن صفحته في فيسبوك

كي نكون عادلين ومنصفين ينبغي أن نعترف بأن حزب الله من الناحية العسكرية واللوجستية قد بذل جهودا كبيرة طيلة السنوات العشرين المنصرمة في تجهيز وإعداد بنية قتالية كبيرة أكان من ناحية البنية التحتية كالانفاق والتحصينات والمواقع العسكرية أم من ناحية إعداد وتدريب المقاتلين في الجنوب اللبناني وفي بعض المناطق التي كانت له السيطرة الكاملة جغرافيا وسياسيا عليها. لكن كل ما فعله لم يصمد أمام الآلة الحربية الإسرائيلية لأسباب عديدة سوى أيام معدودة وذهب هباء، وهذه الأسباب بعضها مرتبط بطبيعة حزب الله وإيديولوجيته وأهدافه وسلوكياته وممارساته وبعضها الآخر مرتبط بميزان القوى الفعلي إقليمياً ودولياً، وأهمها:
١ _ الخلط بين مفهومي المقاومة والجيش فضاع وأضاع معه كل ما بناه وأضاع كل الجهد الذي تم بذله فبنى الكتائب والسرايا والألوية والرتب العسكرية، وكل ذلك تحت عنوان المقاومة وقلنا أن المقاومة تعني السرية الكاملة وتعني مجموعات صغيرة وتعني أسلحة بسيطة وخفيفة… الخ… فلم يستطع أن يبني جيشا وأضاع مفهوم المقاومة وطبيعة عملها وأساليبها.
٢ _ بنية عسكرية أرضية تفتقد لغطاء جوي فتحولت لأهداف سهلة جرى تدمير القسم الأساسي منها لأن الحزب اختار كما قلنا طريقة عمل الجيوش، ولم يستفد من دروس الحروب العربية الإسرائيلية وبشكل خاص لم يستفد من تجربة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ومن تجربة المقاومة اللبنانية التي نشأت آنذاك وأساليب عملها بل عمل على مطاردة ومواجهة عناصرها وكوادرها.
٣ _ ضعف في الأداء الأمني مما أدى إلى حصول اختراقات استخبارية إسرائيلية واسعة لصفوف حزب الله وعلى مختلف المستويات، مما أدى إلى زيادة انكشافه أمام العدو الإسرائيلي مما سهل عملية توجية ضربات قاسية له.
٤ _ رغم الكمية الكبيرة من الأسلحة والذخائر التي استطاع حزب الله تخزينها في الأنفاق والمخازن والمستودعات وفي المنازل إلا أن العيب الأساسي كان في الضعف التقني والتكنولوجي أمام الأسلحة التي يمتلكها الجيش الاسرائيلي.
٥ _ العزلة السياسية العربية والداخلية بفعل ممارسات حزب الله وارتباطه الأعمى بالنظام الايراني، مما أدى إلى حصول تنافر واسع مع الأطراف الداخلية اللبنانية ومعظم الدول العربية.
٦ _ الغرور والعنجهية والتنمر وهي أمور طبعت نهج قيادة حزب الله وامتدت نزولا إلى القواعد بفعل الشعور الذي تولد بأنه يملك فائض قوة كبير بحيث أصبح يهدد الجميع في الداخل والخارج ولم يعد يكتفي بالقليل بل بات يطرح موضوع تحرير القدس وأصبح يتصرف على طريقة الند للند وتجلت هذه الأمور في خطابات نصرالله تحديدا، فباتت الأهداف المطروحة غير متناسبة بشكل كبير مع الإمكانيات التي يملكها الحزب.
٧ _ استصغار بقية الأطراف والقوى السياسية والطائفية اللبنانية في بلد متعدد الطوائف والمذاهب، فعمل الحزب على إخضاع مؤسسات الدولة لسيطرته مستخدماً كل الوسائل من الاغتيالات إلى المعارك العسكرية إلى شراء الذمم إلى ما هنالك من أساليب، مما ساهم في زيادة عزلته الداخلية، وبات الكثير من اللبنانيين يتمنى الخلاص من سياسة فائض القوة هذه ولو عن طريق الشيطان، مما زاد من عزلته الداخلية.
٨ _ لم يكتف الحزب بما فعله بالداخل اللبناني مع بقية الشركاء في الوطن بل وسع ميدان عمله إلى الإقليم من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى الخليج ضارباً عرض الحائط بمصلحة وعلاقات لبنان العربية، حتى أنه قام بأعمال أمنية في العديد من دول العالم. مما وضعه على طاولة القوى التي ينبغي تحجيمها وربما القضاء عليها.
٩_ والأهم من هذا كله استحضار التاريخ أي الصراعات الدينية التي حصلت من 1400 سنة وكأنه يريد الانتقام لما حصل آنذاك فغذى بذلك الصراعات والفتن المذهبية وهي أساسا تحتاج لمن يشعل فتيلها.
يمكن أن نذكر العديد من الأسباب الأخرى التي أدت إلى الهزيمة السياسية والعسكرية والأمنية التي تعرض لها حزب الله ومحور وحدة الساحات بشكل عام على يد العدو الاسرائيلي. لكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل قام حزب الله بمراجعة جدية لكل ما طرحه من أهداف ولكل ما مارسه من اساليب والنتائج التي أفرزتها حرب الإسناد ليستخلص الدروس والعبر كي لا يقع بما وقع فيه من جديد؟
حتى اليوم لا يبدو أنه فعل ذلك ولا يبدو أنه سيفعل ذلك ولا زال يتصرف وكأن شيئا لم يحصل وإن كل ما فعله وما كان يطرحه هو الصحيح.
لذا، أرى أنه في حال استمر تعنت حزب الله في التصرف على نفس المنوال ولم يغير حرفاً واحداً إما بفعل العجز عن إجراء التغيير المطلوب أو بفعل التمترس والغرق في الماضي وما الرسالة التي وجهها حزب الله للرؤساء الثلاثة بالأمس إلا نموذجاً من نماذج تفكير وممارسة القيادة الجديدة لحزب الله. ولا زال حزب الله مصراً على ممارسة دوره كورقة من أوراق التفاوض الإيرانية مع أميركا مهما كانت نتيجة ذلك عليه وعلى بيئته وعلى الشعب اللبناني، كما اعتاد أن يفعل منذ العام ١٩٨٥، أي منذ الإعلان عن نشأته.

لذا، أعتقد أن القادم من الأيام سيكون صعباً على الجميع، ويبدو أن طريقة “الصولد” هي التي ستتصدر المشهد.

مشاركة هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!