بين قوة مرشد الجمهورية وقوة مختار يحمر

بين قوة مرشد الجمهورية وقوة مختار يحمر

كان رحمه الله خفيف الظل، ظريف الطبع، إنه مختار بلدة يحمر – البقاع الغربي، الحاج أبو راضي عزت جواد.

في عام 1982، استدعته القوات الإسرائيلية الغازية لحضور اجتماع جمع مخاتير البقاع الغربي بالحاكم العسكري. خلال اللقاء، طلب ممثل الاحتلال من المخاتير التعاون مع سلطات الاحتلال عبر تشكيل “حرس وطني” يساعد في حفظ الأمن داخل القرى.

حين جاء دور الحاج أبو راضي للكلام، قال بصوت عالٍ:

«والله يا أستاذ خاري…»

(وكان اسم الحاكم “راخي”). فثار الأخير غضباً ظنًّا أنه يُشتَم. لكن المختار، بكل هدوء وظرافة، تابع قائلاً:

«خير إن شاء الله يا أستاذ خاري، شو صار؟»

وعلى إثر هذا الموقف الطريف، قرر ممثل الاحتلال إنهاء الاجتماع وتأجيله، مهدداً المخاتير بوجوب تنفيذ الأمر تحت طائلة المسؤولية.

عاد الحاج أبو راضي إلى بلدته، وأجرى مشاورات مع وجهائها حول المستجدات، فاتفقت الفعاليات على رفض التعاون مع الاحتلال، تاركين للمختار مساحة المناورة بروحه المرحة.

وفي الاجتماع التالي، كرّر المختار قوله:

«والله يا أستاذ خاري…»

وقبل أن يغتاظ الحاكم مجدداً، عاجله الحاج أبو راضي قائلاً:

«يا عمي، شو اسمك؟ ليش أهلك سموك هيك؟ طيب، أبو مين حضرتك؟»

فرد الحاكم: «كمّل كمّل».

فتابع المختار قائلاً:

«نحنا بيحمر، ما عنا شباب فهل يجوز نسوان؟!»

عندها، انفجر الحاكم غيظاً، مهدّداً المختار، وطالب الحاضرين مجدداً بتشكيل الحرس الوطني، وسأل كل واحد عن موعد تنفيذ المهمة. وعندما وصل الدور مُجدداً إلى مختار يحمر، أجابه بكلمة واحدة:

«تأسّسلك!»

— وهي كلمة دارجة في يحمر تُستخدم بمعنى “افتشلك”.

استفسر الحاكم عن معنى الكلمة، فقيل له إنها تُستخدم عند تفجير عبوة ناسفة، فدبّ الرعب في قلبه، وغادر الاجتماع مسرعاً مع مرافقيه، فيما صمد أهالي يحمر في وجه الاحتلال ولم ينصاعوا لأوامره.

سألت المختار شخصياً عن صحة هذه القصة بعد التحرير، فأكّدها بابتسامته المعتادة، مضيفاً:

«لكل واحد طريقتو بمقاومة العدو».

وبالفعل، صمدت يحمر، ودفع أهلها ثمناً باهظاً، إذ ارتكب الاحتلال مجزرة مروعة بحق المدنيين. ومع ذلك، لم يتعامل مع الاحتلال سوى شخصين من البلدة، تابا بعد التحرير مع موضة التوابين.
حسين قاسم

مشاركة هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار