شورى الدولة يوقف عقود الجامعة اللبنانية المخالفة

وحمل القرار الجديد (وهو قرار إعدادي) الرقم 181، وصدر عن الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي يوسف نصر.
ولم يتبقَّ سوى تسلُّم الجامعة نسخة صالحة للتنفيذ من القرار، على أمل الالتزام به هذه المرّة، دون اللجوء إلى الأساليب السابقة.
ابتداع مصطلحات لاستغلال الموظفين
سبق وأن صدر القرار رقم 499 عن شورى الدولة، وهو بمثابة حكم مبرم، ألغى بموجبه تعاميم الجامعة المتعلقة بالعقود مع المدربين لأنها قائمة على انحراف في استعمال السلطة ومخالفة للدستور والقوانين، وحتى شرعة حقوق الإنسان، لناحية تشغيل المدربين ساعات عمل مضاعفة عن تلك المنصوص عليها بعقودهم ومن دون تلقي أي أجر. إلا أن الجامعة التفّت على قرار شورى الدولة وذهبت إلى إصدار التعميم 27، الذي تحول لاحقاً إلى قرار نُشر في الجريدة الرسمية، وحددت بموجبه شروطاً جديدة للتعاقد مع الجامعة.
ابتدعت الجامعة، في التعميم رقم 27، مصطلح “وحدة الساعة” عوضًا عن “الساعة”، ونظّمت العقود مع المدربين على هذا الأساس. فبات المدرب يعمل ساعتين فعليًا، بينما يُسجَّل في العقد “وحدة ساعة”، ويتقاضى أجره على أساس سعر ساعة واحدة فقط.بمعنى آخر، شكّل هذا ا لمصطلح المستحدث محاولة للالتفاف على قرار مجلس شورى الدولة رقم 499.
لذلك، جاء القرار الجديد عن مجلس شورى الدولة ليوقف ليس فقط اعتماد مصطلح “وحدة الساعة”، بل جميع مضامين القرار رقم 27، بما فيها مباراة الدخول التي كانت الجامعة تعتزم إجراؤها، إضافة إلى وقف تنفيذ التصنيفات الجديدة للمدربين، لناحية استحداث وظائف مثل “مدرب تدريس”، و”مدرب فني”، و”مدرب إداري”.
وقف تنفيذ القرار 27 هو إجراء إلزامي إلى حين انتهاء النزاع القضائي وصدور حكم نهائي عن مجلس شورى الدولة.
ما يعني أن الكرة أعيدت إلى ملعب القرار السابق، رقم 499، الذي كان المدربون قد استحصلوا عليه سابقًا، والذي أكّد حقهم في تقاضي أجورهم عن كل ساعة عمل فعلية وفقًا للعقود، وكرّس حقوقهم المهدورة داخل الجامعة منذ أكثر من عشر سنوات.
تلاعب على شورى الدولة
ورد في حيثيات القرار رقم 27، الذي أعدّته الجامعة، أنها أخذت رأي مجلس شورى الدولة في مضمونه. لكن تبيّن أن الاستشارة أغفلت عمدًا القرار السابق الصادر عن مجلس شورى الدولة، رقم 499، الذي قضى بأحقّية المدربين في تقاضي أجور الساعات المنفّذة، ولمنع إثراء الجهة المستدعى ضدها على حسابهم.
وقد شكّل إغفال القرار السابق بمثابة تحايل على مجلس شورى الدولة وعلى حقوق المدربين، من خلال اختراع مصطلح “وحدة الساعة”.
وبالتالي، أدّى قرار الجامعة إلى تكرار مخالفة القانون، لا سيّما مبدأ “لا عمل بلا أجر”، إذ تبيّن أن الهدف من القرار هو تشغيل المدربين لساعات عمل مضاعفة من دون أجر.
من جهته، أكّد المحامي علي عباس، الذي تقدّم بالطعن أمام مجلس شورى الدولة، أن توقيف العمل بالقرار رقم 27 يشكّل صفعة للجامعة، التي لجأت إلى ابتداع مصطلحات للالتفاف على القوانين. وأوضح أن القرار صدر استنادًا إلى المادة 77 من نظام المجلس، ما يعني أن الأسباب الموجبة لوقف التنفيذ كانت جدّية وقويّة، وأن الضرر الناتج عن العقود الجديدة كان بالغًا بحق المدربين.
وأضاف عباس أنه سيحصل على نسخة صالحة للتنفيذ من القرار، لتبليغها إلى الجامعة، التي يُفترض بها الالتزام بهذا القرار الصادر عن المرجع القضائي الإداري الأعلى في الدولة. أما في حال عدم الالتزام، فإن الجامعة ستكون في موقع مخالفة القوانين المرعيّة الإجراء، والتخلف عن تنفيذ قرار قضائي نافذ.
يُذكر أن قرار مجلس شورى الدولة السابق ينظّم وضع المدربين وعقودهم، ويُلزم إدارة الجامعة بمنحهم حقوقهم كاملة، على أن يكون أجر الساعة مساوياً لثلثي أجر الساعة المعتمد للأستاذ المتفرّغ في الجامعة.
وبحسب عباس، يُفترض بالجامعة أن تعيد تنظيم عقود المدربين استنادًا إلى قرار مجلس شورى الدولة، وأن تتوقّف عن ممارساتها السابقة بتشغيلهم بدوامات كاملة من دون أجر.
وفي الوقت الراهن، يتمتع جميع المدربين في الجامعة بحماية القانون، بموجب قرار وقف تنفيذ القرار رقم 27، وعدم التزامهم بتطبيقه.
أما استمرار الجامعة في عدم الالتزام بوقف التنفيذ، فسيضعها خارج إطار الشرعية القانونية.